من المقرر أن تختتم اليوم الخميس في فندق كمبنسكي بالاس جيبوتي أعمال القمة الأفريقية الخامسة للمصارف الإسلامية والتي كرست لمناقشة سبل استغلال الفرص من أجل توسيع قاعدة نمو التمويل الإسلامي والتكافل في القارة السمراء، والاستفادة من خبرات مجموعة البنك الإسلامي لتنمية القطاع الخاص ونماذج الدول التي نجحت في تجربة تمويل المصاريف الإسلامية. وكانت فعاليات هذه القمة قد انطلقت يوم أمس الأربعاء تحت رعاية رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله، وبحضور السيدة الأولى رئيسة الاتحاد الوطني لنساء جيبوتي السيدة/ خضرة محمود حيد، ورئيس الوزراء السيد/ عبد القادر كامل محمد، ورئيس الجمعية الوطنية السيد/ علي محمد حمد، وأعضاء الحكومة، بالإضافة إلى محافظ البنك المركزي الجيبوتي السيد/ أحمد عثمان علي، والرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتنمية قطاع الخاص التابعة للبنك الإسلامي للتنمية السيد/ خالد محمد العبودي، بالإضافة إلى مسوؤلين يمثلون العديد من المؤسسات المصرفية العالمية والإقليمية الرائدة. وفي كلمته الافتتاحية للقمة أمس الأربعاء، أوضح رئيس الجمهورية أن صناعة التمويل الإسلامي تطورت بشكل كبير خلال العقد الماضي، وترسخت اليوم أهميتها وفعاليتها بشكل جيد، وأنها لم تعد تقتصر على الدول الإسلامية ولكنها امتدت تدريجيا إلى الأسواق الغربية.
وأشار إلى أن الأصول المالية الإسلامية سجلت متوسط نمو قدره 17٪ منذ عام 2007، لتحقق ما يزيد على 2000 بليون دولار في عام 2015، موضحا أن هذا النمو للتمويل الإسلامي في جميع أنحاء العالم يرجع إلى مميزاته القوية من حيث الشفافية والتنظيم المصرفي.
وأثنى رئيس الجمهورية على جهود صانعي سياسات التمويل الإسلامي، بإثباتهم إمكانية توافق التمويل مع المعايير الأخلاقية وعدم تعارض الإسلام مع عالم الأعمال.
وذكر أن انتشار التمويل الإسلامي في أفريقيا لا يزال منخفضا جدا، وأن التقديرات تشير إلى أن الأصول المخصصة للقارة تتراوح ما بين 1 و 2٪ على الرغم من أن أفريقيا تمثل نصف المسلمين في العالم.
ونوه بالنمو المستمر الذي تشهده البلدان الأفريقية، مشيرا في هذا السياق إلى أن الخبراء يتفقون على أن التمويل الإسلامي مرشح لأن يكون تجربة النمو القوي في أفريقيا في السنوات القادمة، وعلى وجه الخصوص في سوق الصكوك. وقال بهذا الصدد: «وفقا للتقديرات، فإن القارة تحتاج إلى أكثر من 90 بليون دولار سنويا لتمويل التنمية في البنية التحتية وأن التمويل الإسلامي يعد المصدر الأكثر قدرة على تعبئة الموارد المالية اللازمة لهذا الغرض».
وأردف قائلا «إن واحدة من المكونات الرئيسية لاستراتيجيتنا التنموية تتمثل في تعزيز فعالية وقوة النظام المالي، وبفضل عملية التحول التي بدأت في السنوات الأخيرة، فإن سوق المصارف المالية بجيبوتي الذي كان مؤلفا من اثنين فقط من البنوك التقليدية في عام 2006، شهد نموا وتنوعا سواء من حيث العدد والجودة، ويتكون اليوم من إحدى عشرة بنكا بينها ثلاث بنوك إسلامية وبنك استثماري».
وأشار الرئيس إلى الاهتمام الكبير الذي توليه بلادنا لتعزيز نفوذ مركزها المالي من خلال التحديث الدوري للأنظمة بما يتماشى مع المعايير الدولية، موضحا أن البنوك الإسلامية على غرار غيرها من البنوك التقليدية لديها إطار قانوني محدد وضعته مؤخرا اللجنة الوطنية للشريعة، وان حصة هي البنوك الإسلامية في السوق تتزايد عاما بعد عام.
ودعا رئيس الجمهورية في ختام كلمته إلى تركيز المناقشات على بحث السبل والوسائل اللازمة لإزالة العقبات التي تحول دون التطور السريع للتمويل الإسلامي في أفريقيا بغية فتح آفاق جديدة في تمويل التنمية في القارة.
من جانبه أكد محافظ البنك المركزي الجيبوتي أن التمويل الإسلامي في جمهورية جيبوتي يشهد تطورا ملحوظا منذ افتتاح أول بنك إسلامي في عام 2006.
وأوضح أن حصة البنوك الإسلامية العاملة بجيبوتي والتي يصل عددها حاليا إلى ثلاثة، حققت نموا سريعا بفضل قدرتها على التكيف والابتكار لتلبية الطلب، مشيرا إلى أن أصول المصارف الإسلامية تشكل الآن 58 مليار فرنك جيبوتي أي 16.2٪ من إجمالي الأصول المصرفية في السوق المحلي، مقارنة بحجمها البالغ 1.2٪ فقط في عام 2006.
وذكر محافظ البنك المركزي أن البنوك الإسلامية تشارك بفعالية في تعزيز تقديم الخدمات المصرفية في البلاد، مضيفا أنه تم مؤخرا إنشاء الأكاديمية الأولى للعلوم المالية الإسلامية في جيبوتي، بمبادرة من بنك سلام الأفريقي، بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث وجامعة جيبوتي.
وأضاف قائلا: «من جانبنا، قمنا بدعم تطوير العمل المصرفي الإسلامي في جيبوتي، من خلال الإصلاحات المتعاقبة للإطار القانوني والتنظيمي لها، حيث تم في عام 2011 تبني أول قانون ينظم المصارف الإسلامية، تلاه اعتماد الإطار التنظيمي للتأمين الإسلامي (أتافو) في عام 2012».
وأشار السيد/ أحمد عثمان علي إلى أن هذه القمة تشكل فرصة مناسبة لمناقشة السبل والوسائل اللازمة لتعزيز التمويل الإسلامي في أفريقيا، معربا عن أمله في أن تسفر القمة عن حلول ناجعة تمكن من التغلب على العقبات في هذا المضمار.
بدوره، أوضح الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتنمية قطاع الخاص التابعة للبنك الإسلامي للتنمية أن التمويل الإسلامي يمكن أن يساعد إفريقيا في تطوير البنية التحتية المناسبة التي من شأنها أن تحدث تحولا ايجابيا لاقتصاد وحياة الناس، مشيرا في هذا الاتجاه إلى أن تطوير البنية التحتية ذات الأولوية للقارة تتمثل في مجالين أساسيين هما الكهرباء والنقل.
وأشار السيد/ خالد محمد العبودي إلى إمكانة تقديم التمويل الإسلامي المساعدة لتحفيز نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر من العوامل الرئيسية لخلق الوظائف وتحقيق النمو الشامل في أفريقيا.
وتمنى العبودي للمشاركين في القمة مناقشات مثمرة تقود إلى تبلور أفكار من شأنها أن تسهم في نجاح التمويل الإسلامي في أفريقيا.
المصدر :alqarn