تعددت المؤسسات والمنظمات الخيرية ومازالت في ازدياد ، ولكن قلما تجد من يعمل وفق خطط وأهداف واستراتيجيات تخدم الشعوب بحق ، وقلما من يجسد هذه الاستراتيجيات في برامج ووسائل وأنشطة جديدة وفريدة من نوعها . وهذا ما وجدناه عند زيارتنا للمكتب الإقليمي لمنظمة الندوة العالمية للشباب الإسلامي في جيبوتي «وامي» ، حيث أن هدفهم الرئيسي هو توظيف طاقات الشباب وصقل مواهبهم وتوجيههم للإسهام في نهضة وطنهم ، وغير ذلك من أهداف تنموية وإغاثية تستحق التقدير والحديث عنها باستفاضة. نشأ المكتب الإقليمي لمنظمة وامي في جيبوتي عام 2000 م ، وكان عمله في البداية يتلخص في مساعدة الطلاب في المراحل التعليمية المختلفة ومساعدتهم للسفر والحصول علي المنح الدراسية ، وإمداد الفقراء بمواد غذائية ، وهكذا . وكانت المنظمة حريصة دائما علي العمل مع الحكومة يداً بيد ، فهم الآن تابعين لوزارة الشؤون الاجتماعية ؛ فضلاً عن التعاون بينها وبين مختلف الوزارات الأخرى ، مثل وزارة الدولة للشباب والرياضة عند إقامة الفعاليات والدورات الرياضية ، ووزارة الشؤون الإسلامية والثقافة والأوقاف عند العمل علي برامج دينية ، وإقامة المسابقات الثقافية .
وبعد ذلك امتد نشاط المنظمة لبرامج ومشاريع أخري ، مثل مشروع دعم ورعاية اللاجئين اليمنيين في جيبوتي ، حيث انطلق المشروع عند نزوح العديد من اللاجئين اليمنيين إلي الأراضي الجيبوتية ، ولم تقتصر الخطة علي تقديم الإغاثة العاجلة فقط وإنما شملت محاور أخري تعتبر أساسية في تقديم الحد الأدنى من الحياة الكريمة للاجئين مثل الصحة والتعليم والإيواء .
ومن الحملات التي قامت بها منظمة وامي ولا يجب أن ننساها ، «حملة العطاء» التي قامت بها المنظمة عام 2011 بسبب المجاعة التي تعرضت لها منطقة القرن الأفريقي والتي وصفت أنها الأسوأ من نوعها ، فكانت وامي من أوائل المنظمات التي سخرت كل جهودها ومواردها المالية والبشرية لتقديم المساعدات الغذائية والصحية ، وكان لمكتب المنظمة في جيبوتي جهود كبيرة في هذا الصدد من خلال تسيير قوافل المساعدات الغذائية إلي كل من جيبوتي وضواحيها والصومال .
أما الذي جعلنا نشد الرحال لزيارة المنظمة هو مشروع الندوة العالمية بجيبوتي التعليمي ، الذي تم وضع حجر أساسه عام 2009 م تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية والحكومة الجيبوتية ، وهذا المشروع بمرافقه ووحداته جعلنا نقف إجلالاً له ولأهدافه السامية التي تتبلور في :
1- إيجاد مرافق تعليمية جديدة ومميزة تسهم في خدمة الدارسين بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة .
2- إرفاد التعليم العربي الجامعي بتخصصات نوعية وهامة .
3- إمداد سوق العمل المحلية والخارجية بعناصر تتمتع بالكفاءة العلمية والعملية والسلوكية .
4- انتشال الأسر المتعففة من بين مطرقة الجهل وسندان الفقر من خلال تدريب أبنائها علي عدد من المهارات المهنية .
وعند زيارتنا للمشروع وجدنا صرحاً ضخماً علي مستوي عالٍ من التخطيط والبناء الهندسي ، وعلي الرغم من أهمية وحدات المشروع جميعاً وعملها معاً في تناسق، إلا أن ما لفت انتباهنا هو «المعهد العالي المهني» الذي أفتتح منذ وقت قريب وأوشكت الدراسة علي البدء فيه خلال بضعة أيام .
وصرح لنا «أ/ عبد الوارث علي أدم» مدير قسم البرامج والمشروعات بمنظمة وامي، أن المعهد العالي المهني معهد فريد من نوعه في جمهورية جيبوتي ؛ وهو عبارة عن خمسة أقسام تخصصية ومهنية ؛ وهي قسم الإليكترونيات ، قسم الحاسوب و تكنولوجيا المعلومات ، قسم القوي الكهربائية ، قسم التكييف والتبريد ، قسم اللحام وتشكيل المعادن .
ويشتمل كل قسم منهم علي فصل دراسي نظري يتسع لحوالي 30 طالب ، وقاعة للتدريب والتطبيق ومكتب للمعلم ، وأيضاً يوجد القسم النسائي ويتكون من قسم السكرتارية والإدارة المكتبية ، وقسم الخياطة والتطريز ، وتصل طاقته الاستيعابية إلي نحو 60 متدربة .
تتميز الفصول الدراسية وقاعات التدريب العملي بأنها مزودة بأجهزة ومعدات حديثة لتخريج طلاب متمتعين بالكفاءة العلمية ، كما أن المعهد يهتم بالمنهج النظري جيدا مثل اهتمامه بالجانب التطبيقي .
وأضاف أ/عبد الوارث علي أدم أن المعهد يستقبل الطلاب هذه الأيام للتسجيل في الأقسام المختلفة ، و أن الإقبال كبير علي التسجيل والتقديم في المعهد .
وأفادنا مسئولو الأقسام أنه يتم عمل اختبار للطلاب قبل قبولهم بالأقسام، فيتم اختبارهم في اللغة والرياضيات والفيزياء ، فضلا عن مقابلة شخصية مع الطالب .
وهكذا انتهت رحلتنا داخل هذا الصرح العظيم الذي تحف من حوله معاني الخير والإنسانية ، فالمكتب الإقليمي لمنظمة وامي بجيبوتي مثال رائع في تحمل المسئولية والمشاركة في التطوير، وتوظيف طاقات الشباب وتعليمهم وتدريبهم ، والقيام بالأعمال الإغاثية والتطوعية .
إعداد /
روضة علي عبدالله
المصدر :alqarn