في إطار مشاركته في إجتماعات الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ألقى رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله كلمة جيبوتي في الدورة، والتي تناول فيها الكثير من الملفات التنموية والسياسية والتحديات القائمة في هذا المضمار على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي.
واستهل رئيس الجمهورية كلمته بالإشارة إلى أن انعقاد الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة يأتي في سياق مقلق تتعرض فيه التعددية، القائمة على التعاون الدولي لهجوم متكرر، مؤكدا أن التحديات العالمية تتطلب عملاً جماعياً دوليا.
وذكر أن العمل متعدد الأطراف أمر حيوي لإيجاد حلول للتحديات العالمية المتمثلة في الفقر وعدم المساواة والتغير المناخي، وان البلدان الأشد فقرا هي الأكثر عرضة لمخاطر تلك التحديات.
وأضاف رئيس الجمهورية قائلا: « إن الاضطرابات الجيوسياسية المستمرة، والتوترات المتزايدة بسبب الحرب التجارية وتوقعات انخفاض النمو الاقتصادي العالمي تخلق مخاطر وتثير تساؤلات حول قدرتنا على تعبئة الموارد اللازمة لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030. وتسلط تقارير البنك الدولي الضوء على الضعف المقلق في حجم الاستثمار والأثر السلبي الذي قد يحدثه ذلك على تنفيذ أهداف التنمية المستدامة».
ولفت إلى أهمية أخذ هذه التطورات في الاعتبار في اعتماد أجندة الأهداف الإنمائية، وقال في هذا الصدد: «إننا ندرك أنه لا يجب علينا اعتماد نهج مختلف فحسب، بل يجب علينا أيضًا تعبئة حجم التمويل اللازم الذي يقدر بالتريليونات. وبالتالي، فإن من مسؤولية الجميع حشد الموارد مع مراعاة جودة تأثيرها على الاستدامة».
وفي الإطار ذاته، لفت رئيس الجمهورية إلى ضرورة إلتزام الحكومات بتحسين مناخ الأعمال لجذب الاستثمار من أجل التنمية المستدامة، وتركيز القطاع الخاص جهوده على الاستثمارات على المديين القصير والطويل، والبحث عن حلول مبتكرة لحشد التمويل من أجل أهداف التنمية المستدامة.
وعلى صعيد جيبوتي، أوضح رئيس الجمهورية أن بلادنا أطلقت منذ فبراير 2014 التأمين الصحي الإلزامي، فضلا عن برنامج المساعدة الاجتماعية والصحية للأشخاص الذين لا دخل لهم، وأشار إلى أن جهودا كبيرة بُذلت خلال السنوات الخمس الماضية لتعزيز وتوسيع نطاق هذا التأمين ليشمل المهاجرين واللاجئين في جيبوتي. مجددا تأكيد جيبوتي على إلتزامها بالوفاء بالتعهدات ذات الصلة بالهدف 3.8 في إطار خطة التنمية المستدامة لعام 2030 ، لضمان الصحة للجميع.
وأردف رئيس الجمهورية بالقول: « بالإضافة إلى ذلك، قررت جيبوتي اعتماد نظام صحي رقمي متكامل محوره المريض بهدف تطوير التأمين الصحي الشامل، وتوسيع التغطية الصحية الشاملة، وبالتالي تهيئة الظروف لنظام معلومات صحي أكثر كفاءة. وتلتزم جيبوتي أيضًا بمكافحة جميع أشكال عدم المساواة، لاسيما تلك المتعلقة بالجندر من خلال وضع هذا الهدف في صلب أجندتها السياسية. وتواصل الحكومة من خلال الإصلاحات الهيكلية، مهمتها الأساسية المتمثلة في القضاء على العقبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها المرأة. ولقد بدأ هذا العام بإصدار قانون يزيد من حصة النساء الجيبوتيات من 10 إلى 25 % في الجمعية الوطنية».
وتطرق الرئيس في كلمته أيضا إلى التطورات المتصلة بالسلام في القرن الإفريقي، مرحبا في هذا السياق بنجاح المفاوضات التي أدت إلى نهاية سلمية للأزمة في السودان بتوقيع اتفاقية تقاسم السلطة، كما نوه بالتطورات الإيجابية في جنوب السودان بما في ذلك تجديد الرئيس سيلفا كير والسيد رياك مشار التزامهما بتشكيل حكومة انتقالية بحلول 12 نوفمبر القادم، وحث في ذات الوقت الطرفين على مواصلة الجهود لكسر الجمود السياسي والوفاء بالالتزامات التي تم التعهد بها.
وفيما يتعلق بالصومال، أوضح رئيس الجمهورية أنه على الرغم من التوترات الناشئة عن التطورات السياسية المرتبطة بالانتخابات في الحكومات الإقليمية الأعضاء في الدولة الفدرالية وأعمال العنف التي ترتكبها حركة الشباب، فإن المؤشرات مشجعة بشأن التقدم المحرز على الصعيد الاقتصادي والأمني. وقال في هذا السياق: «يجب أن نضاعف جهودنا لمساعدة الصومال على تحقيق أهدافه ذات الأولوية المتمثلة في الانتخابات الفيدرالية، وتعزيز الأمن، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتخفيف عبء الديون. كما يجب علينا جميعا ضمان المساهمة الديناميكية الإقليمية الإيجابية في الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار وتنفيذ الخطة الانتقالية الحالية وخلق بيئة مواتية للمصالحة الوطنية».
وذكر رئيس الجمهورية أن العلاقات بين جيبوتي وإريتريا تتجه نحو التحسن
وأن القضايا العالقة سوف تحل بشكل نهائي. وقال في هذا المضمار: «لا تزال جيبوتي ملتزمة التزاما راسخا بالسلام وتشجع الحلول الثنائية السليمة مع جميع جيرانها. ويجب أن نعمل معا بلا كلل لتعجيل الجهود الرامية إلى تعزيز التكامل الإقليمي.
وبشأن الإرهاب، أكد رئيس الجمهورية أن الإرهاب يمثل تهديدا وجوديا للسلم والأمن في العالم. وأدان بشدة الهجوم الذي استهدف في 14 سبتمبر المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية، معتبرا إياه تطورا خطيرا يقود إلى مسار عكسي لتخفيض التصعيد الذي دعا إليه المجتمع الدولي.
وحول اليمن، أعرب رئيس الجمهورية عن قلقه إزاء تدهور الوضع الصحي وتزايد خطر تجزئة البلاد. وأكد دعم جيبوتي للسلطات الشرعية في اليمن وترحيبها بالجهود الهادفة لتنفيذ اتفاق استكهولم، كما جدد التأكيد على مواصلة جيبوتي ترحيبها بالأشقاء اليمنيين الفارين من النزاع في بلادهم.
وأدان رئيس الجمهورية في ذات الوقت، تجدد أعمال العنف في الأراضي الفلسطينية جراء سياسة الاستيطان التي تشكل انتهاكًا للقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني على حد سواء.
وأكد رئيس الجمهورية في ختام كلمته على ترشح جيبوتي لشغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن للفترة 2021-2022. ودعا جميع الدول الأعضاء في المنظمة الدولية إلى دعم ترشيح بلادنا لهذا المقعد، وذلك خلال الانتخابات التي ستجريها الجمعية العامة لتحديد المقاعد الخمسة غير الدائمة في مجلس الأمن في الفترة 2021-2022. مؤكدا أن جيبوتي في حال إنتخابها ستعزز الالتزام بدعم القانون الدولي في مجال الحفاظ على السلام.
جريدة القرن