أدى فخامة رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله يوم أمس الأول السبت اليمين الدستورية رئيسا لبلادنا لولاية رئاسية خامسة مدتها خمس سنوات، وتمت مراسم حفل التنصيب في القصر الجمهوري وسط حضور إقليمي ودولي واسع، حيث شارك فيه رؤساء كل من , غينيا السيد/ ألفا كوندي ، وكينيا السيد/ أوهورو كينياتا ، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي، ورئيس الوزراء الصومالي السيد/ محمد حسين روبله، ورئيس الوزراء الرواندي السيد/ دوارد نجرينتي، ورئيس صومالي لاند السيد/ موسي بيحي عبدي ، بالإضافة إلى وفود رفيعة من نحو خمسة وعشرون من البلدان الشقيقة والصديقة. كما شارك في الحفل رئيس الوزراء السيد/ عبد القادر كامل محمد، والسيدة الأولى خضرة محمود حيد، ورئيس الجمعية الوطنية السيد/ محمد علي حمد، وأعضاء الحكومة، وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين وقادة المجتمع المدني الجيبوتي.
وبدأت مراسم حفل التنصيب بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، بعدها أعلن رئيس المجلس الدستوري السيد/ عبدي إبراهيم عبسييه تنصيب رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله للولاية الرئاسية الجديدة، ثم قام رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الفريق الركن زكريا شيخ إبراهيم بتقليد رئيس الجمهورية وسام القلادة الكبرى وهو أعلى وسام في الجمهورية، ثم أدى الرئيس اليمين الدستورية.
وعقب ذلك، ألقى رئيس الجمهورية كلمة جاء فيها يلي:
يطيب لي في هذا اليوم الخاص بالنسبة لي ولبلدي، أن أرحب ترحيبا حارا برؤساء الدول والحكومات الذين شرفونا بحضورهم وتواجدهم بين ظهرانينا. كما أرحب أيضا برؤساء وفود الدول الشقيقة والصديقة، وأصدقاء جيبوتي، الذين حرصوا على المشاركة في المناسبة رغم المعوقات الصحية.
وأود أن أعرب باسم الشعب الجيبوتي وباسمي الشخصي عن امتناني العميق لهم على هذه المبادرة الكريمة التي تعكس العلاقات الأخوية المتينة القائمة بين شعوبنا.كما أود أن أحيي هنا ذكرى أحد إخواننا الذي سقط في ميادين الشرف، سعادة المارشال إدريس ديبي إتنو. لا شك في أننا بوفاته لم نفقد صديقًا فحسب، بل فقدنا أيضًا قائدًا شجاعًا خدم بلاده حتى النهاية.
سيداتي وسادتي
إنني أؤدي قسم اليمين أمامكم في سياق استمرارية مؤسساتنا، متضرعا إلى الله العلي القدير أن يوفقني في الاضطلاع بمسؤولية رعاية مصالح الشعب الجيبوتي وتحقيق تطلعاته .
على عتبة هذه الولاية الخامسة والجديدة، أضع نصب عيني تطلعات الجيبوتيين الذين جددوا ثقتهم بي من أجل تحقيقها والمتمثلة في حماية الاستقرار والوئام المدني وصون قيم جمهوريتنا وكذلك إحداث تنمية شاملة ومتسارعة لبلدنا.
أعتقد أنه عندما تحب بلدك بعمق، تلتزم، بهذا الإيمان وبهذه القناعة، ولذلك أعاهد نفسي، على أن أقود هذا الشعب نحو الأفضل وأن أخدمه بشرف خلال السنوات الخمس المقبلة.
لقد أدت جائحة كوفيد 19 إلى قلب الاقتصاد العالمي رأسًا على عقب. والتغير المناخي بدوره يجبرنا على إحداث تغيير في أسلوب حياتنا. وكذلك التحول الرقمي والضغط الديموغرافي الذي تواجهه قارتنا. فكل هذه التطورات تضع أمامنا العديد من التحديات التي تدفعنا للعمل بنشاط أكبر من أجل المستقبل.
إن التزامنا بحزم وبدون خوف تجاه المستقبل يتطلب بالتأكيد الشجاعة ولكن أيضًا الكثير من الحكمة، وبإصرار منا سوف نوفر الموارد اللازمة لتهيئة الظروف لصناعة المستقبل.
سيداتي وسادتي،
جيبوتي رغم صغر حجمها كبيرة بدورها، وبموقعها المميز على مفترق الطرق بين الشرق والغرب، ونقطة التقاء بين آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا، وهي جمهورية فتية، تتميز بديناميكيتها وقوة إرادة شعبها في النهوض ورغبتهم المشتركة والموحدة في العبور نحو مستقبل أفضل.
نحن شعب موحد ومتماسك ونتعايش في أمن وسلام، ونعيش في بلد مستقر وهذه نعمة وعطاء من عند الله سبحانه.
لقد علمنا التاريخ أن السلام والاستقرار والوحدة شرط أساسي لا غنى عنه لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
علمنا التاريخ أيضا. أنه يجب علينا غدًا، مثل الأمس، أن نعمل معًا بلا كلل لحماية هذا الاستقرار، وتعزيز مؤسساتنا، وتقديس السلام والعيش معًا.
يجب علينا أيضًا حماية حريتنا في الاختيار واتخاذ القرارات التي بدونها لا توجد سيادة حقيقية. لقد تمكنا من إقامة شراكات طويلة الأمد مع قوى صديقة عظمى. كما تمكنا من الحفاظ على توازن تحالفاتنا وضمان التزاماتنا الأمنية على مضيق باب المندب كما نشارك أيضا في العمل الإنساني للتضامن. سنواصل استثمار دورنا وجهودنا أكثر في تقدم العالم، وفي تفعيل المؤسسات الدولية، لننقل رسالتنا للسلام والتقدم للجميع. نتشارك مع شعوب القرن، التاريخ والحضارة والقيم والتحديات والتطلعات.
نحن دولة أفريقية، وعربية ودولة مسلمة. نتمسك بهويتنا الثلاثية، وهذا التنوع المثمر، مصدر حيويتنا. إراداتنا قوية وهي أن نلعب دورًا نشطًا في النهوض بقارتنا وتكاملها. نحن نؤمن إيمانا عميقا بضرورة التعاون والتكامل بين شعوبنا واقتصاداتها لمنع المنافسات العقيمة والتصدي لأولئك الذين يحكمون علينا بالصراعات بين الأشقاء. ولهذا السبب دعمت دائمًا الجهود والمبادرات من أجل التقارب والتكامل بين الاقتصادات الأفريقية، ولا سيما في منطقتنا. يجب أن نُعطي الأولوية لالتزامنا المشترك بالتنمية وثقافة السلام والاستقرار. يجب أن نجعل هذا الالتزام باسم الأجيال الجديدة. حتى لا يظل كل هذا مجرد تفكير أمني، يجب أن نتجاوز صراعاتنا القاتلة، ونتجاوز المصالح قصيرة المدى لنرى أبعد من ذلك. يجب علينا، مرة واحدة، التخلص من هذا الاعتقاد الذي يحكم علينا بالفردانية والذي يريد أن يضعنا في وجه بعض، لأن ثروتنا كبيرة إذا قمنا باختيار الاتحاد الذكي.
ستكون إفريقيا قوية إذا كانت متحدة، وستكون غنية إذا كنا معًا، إذا تعاونت بلداننا لتُكمِّل بعضها البعض وتسعى إلى تحقيق رؤيتنا المشتركة المتمثلة في وجود دول قوية وفعالة. نحن منخرطون بشكل كامل في منطقتنا، في هذا القرن الأفريقي الذي يجب أن يكون موطنًا مشتركًا لجميع الشعوب. ونحن منخرطون بشكل كامل في عمليات البناء القاري، وهنا أفكر بشكل خاص في منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ZLECAF ، والتي تم إنشاؤها في نيامي في يوليو 2019، لتكوين منطقة تجارة حرة واسعة على نطاق إفريقيا، في هذه السوق الموحدة الكبيرة التي يزيد عدد سكانها عن مليار نسمة. يقال إن إفريقيا هي قارة المستقبل. الأمر متروك لنا لتحويل هذا المنظور إلى حقيقة.
أخيرًا، نحن متعهدون تمامًا في توطيد وحدة أمتنا ومجتمعنا، ونؤمن إيمانا كاملا بمواجهة التطرف والعنف، والتغلب عليه بتسامحنا والوسطية والاعتدال. إننا نتابع بألم الأحداث التي طالت إخواننا وأخواتنا في فلسطين الحبيبة وندعو، كما قمنا به دائمًا في الماضي، إلى حل سياسي عادل للصراع وإلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، الحل الوحيد والذي لا غنى عنه هو سلام الشجعان.
ضيوفي الكرام، سيداتي وسادتي، أبناء الوطن الأعزاء،
لقد تمكنا من الاعتماد على موقعنا الجغرافي، وإبداع شعبنا، لبناء مشروع تنموي. فخلال عشرين عامًا، رسخت جيبوتي مكانتها كمركز دولي للخدمات اللوجستية والموانئ. اليوم نحن الرائد الأفريقي في البنية التحتية للموانئ. لقد حققنا أكثر من عقد من النمو، وتضاعف الناتج المحلي الإجمالي بستة أضعاف، ونصيب الفرد من الدخل بمقدار خمسة
في الأيام الأولى من هذه الفترة الرئاسية الجديدة، كان هدفنا هو تسريع الوتيرة، مع مراعاة التغيرات في العالم.
نحن بحاجة إلى الاستثمار في الخدمات والاتصالات والتقنيات الرقمية. لدينا إمكانات هائلة من حيث الطاقة المتجددة.
نحتاج أيضًا إلى الاستثمار في الصناعة وجعل الآخرين ينتجون في جيبوتي، لاسيما كجزء من سياسة المناطق الحرة لدينا.
يجب علينا تعزيز بروز هذه القطاعات التي تخلق قيمة مضافة للبلاد وتخلق فرص عمل للجيبوتيين.
هناك العديد من الفرص في مجال التزويد بالوقود وأحواض بناء السفن ومحطات النفط والغاز والصناعات الخفيفة. يمكننا خدمة المنطقة بأكملها. وفي هذا الاطار، تندرج المشاريع الكبرى للمنطقة الصناعية بدميرجوك وإعادة تطوير الميناء التاريخي لمدينة جيبوتي.
ضيوفي الأجلاء، سيداتي وسادتي، المواطنون الأعزاء،
بالنسبة لعام 2021 وما بعده، من المتوقع أن يظل نمونا في الارتفاع، وهو من أقوى معدلات النمو في إفريقيا وذلك على الرغم من تداعيات جائحة كوفيد 19. الهدف من التنمية الكثير بالفعل. لكننا بالطبع ندرك التحديات التي تواجهنا. لا يزال الفقر والبطالة حقيقة واقعة كما هو الحال في العديد من بلداننا الأفريقية ولاسيما الحاجة الماسة إلى البنية التحتية أيضًا. وما زلتُ مصمما مع الجيبوتيين على العمل. واتخاذ إجراءات للتخلص من عبء الفقر. والعمل من أجل جيبوتي الغد، من أجل الأجيال الشابة القادمة، التي يُعد التزامها ضروريًا لنجاح مشروعنا الجماعي، والتي يجب أن تأخذ مكانها في العالم الحديث. ليس لدينا خيار آخر غير الطموح.ولا توجد وسيلة أخرى غير العمل. أنا واثق بكم وأننا بإمكاننا أن نكون ناجحين. عندما تكون اليد في اليد.
تحيا الجمهورية، تحيا شعوبنا , تحيا أفريقيا , وشكرا للجميع.
المصدر / جريدة القرن .