رعى رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله يوم الأحد الماضي في ضاحية بلبلا حفل وضع حجر الأساس لمشروع بناء المكتبة الوطنية ومبنى المحفوظات «الأرشيف» والذي أقامته وزارة الشئون الإسلامية والثقافة والأوقاف. وجرت مراسم الحفل بحضور رئيس الوزراء السيد/ عبد القادر كامل محمد، والسيدة الأولى، رئيسة الاتحاد الوطني لنساء جيبوتي السيدة/ خضره محمود حيد، ورئيس البرلمان السيد/ محمد علي حمد، والعديد من أعضاء الحكومة من بينهم وزير الشئون الإسلامية والثقافة والأوقاف السيد/ مؤمن حسن بري، وأعضاء السلك الدبلوماسي من بينهم سفير جمهورية الصين الشعبية الذي تمول بلاده مشروع المكتبة الوطنية والأرشيف، ويقام على مساحة تصل إلى ثلاثين ألف متر مربع. كما شارك في هذه المناسبة التي تزامنت مع الاحتفال باليوم العالمي للكتاب ممثلو المنظمات غير الحكومية والهيئات الخيرية، إلى جانب شخصيات مدنية وعسكرية رفيعة المستوى. ولدى وصوله إلى موقع الحفل برفقة السيدة الأولى قام رئيس الجمهورية بتفقد معرض الكتاب والمؤلفات والمنشورات وبعض الوثائق التاريخية التي تم عرضها من قبل وزارة الشئون الإسلامية والثقافة والأوقاف.
ومن المقرر أن تستوعب المكتبة الوطنية نحو 500.000 كتاب ووثيقة، فيما يتوقع أن يتسع مبنى الأرشيف لنحو 300.000 كرتون، مخصصة للحفاظ على وثائق المحفوظات الوطنية.
وفي كلمته بالمناسبة، عبر رئيس الجمهورية عن سروره البالغ لرعاية حفل وضع حجر الأساس لمشروع بناء المكتبة الوطنية والأرشيف، والذي يشكل إضافة نوعية إلى المشاريع الأخرى واسعة النطاق الهادفة لتهيئة الظروف الملائمة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية لبلدنا.
وقدم الرئيس في مستهل خطابه الشكر والتقدير إلى»شركائنا الصينيين»على دعمهم لهذا المشروع الكبير، لافتا إلى أن المكتبة الوطنية ومبنى المحفوظات سيكونان الموقع المناسب والمفضل للتخزين وجمع المراجع والمؤلفات التي كتبت عن جيبوتي.
وأضاف قائلا : «سوف تكون المكتبة الوطنية بمثابة قاعدة بيانات تضم ثقافتنا المعاصرة وتجمع بين الأصالة والحداثة، وسوف تعمل أيضا على تشجيع أطفالنا على القراءة وحب الاطلاع، الأمر الذي سيسهم في نموهم وازدهارهم».
وأكد رئيس الجمهورية أن المحفوظات الوطنية، تمثل ذاكرتنا التاريخية والاجتماعية والسياسية، والتي تشكل جزء من الحكم الرشيد، وتعكس في ذات الوقت ثقافتنا السياسية، وأنها تمكننا من متابعة التطور المؤسسي لجمهوريتنا.
وتابع قائلا: «هذه المحفوظات تلعب دورا حاسما في نقل التاريخ الجماعي وتتيح للباحثين والمؤرخين وغيرهم مكانا تتوفر فيه المعطيات التي يستخدمونها في عملهم وإثراء مجتمعنا ككل. وإن بلادنا تتجه نحو مجتمع يقوم على المعرفة التي تجعل من تراثنا الثقافي مصدرا للإلهام. وسنواصل استراتيجيتنا التنموية المبنية على تأهيل رأس المال البشري باعتباره أداة فعالة للإبداع والابتكار. ولقد أعطينا الثقافة والتعليم أولوية قصوى وجعلناهما حجر الزاوية في التنمية الوطنية. وهذا ما جعلنا نقوم بإنشاء الهياكل التعليمية والأكاديمية، للإسهام في نشر ثقافة المعرفة والانفتاح».
ولفت رئيس الجمهورية إلى أن مشروع المكتبة الوطنية سيحفز الشباب على القراءة، مما يثري الكتابة، ويساعد على ظهور طبقة من الكتاب الجدد تعنى بنشر الثقافة الوطنية.
وأرف قائلا: «إنني فخور جدا بطلابنا والكتاب الشباب الذين يجمعون بين الأصالة والمعاصرة، ويتمتعون بالروح الخلاقة في الإبداع وفي التفكير النقدي، مع الحفاظ على هويتهم الوطنية».
بدوره تناول وزير الشئون الإسلامية والثقافة والأوقاف في كلمته أهمية مشروع بناء المكتبة الوطنية والمحفوظات أو الأرشيف والذي يأتي في ظل المساعي الرامية للمحافظة على الذاكرة الجماعية للشعب الجيبوتي وصون تراثها الثقافي.
وأضاف قائلا: «أغتنم هذه الفرصة لأرحب بضيوفنا الكرام وأشكر شركاءنا الصينيين على مساهمتهم القيمة في تنفيذ هذا المشروع. وإن حفل وضع حجر الأساس لهذا المشروع يشكل لحظة طال انتظارها، وهي تتويج للجهود الهادفة لتعزيز ثقافتنا والحفاظ على ذاكرتنا الجماعية طبقا للسياسة الحكيمة التي ينتهجها رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر والذي جعل الثقافة من أولويات العمل الحكومي، وأحد العناصر الأساسية لمواجهة قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلدنا».
وفي معرض تطرقه لمختلف المهام التي ستضطلع بها المكتبة الوطنية أوضح الوزير أنها ستكون بالدرجة الأولى معنية بجمع وحفظ جميع المنتجات التي يتم تحريرها في جيبوتي، وكذلك جمع وتشكيل المراجع والمؤلفات الوطنية، لافتا إلى أنها ستضمن حفظ وصون التراث الثقافي الوطني سواء أكان مكتوبا أو شفهيا.
وتابع قائلا: «تتمثل المهام التي تقوم بها المكتبة بجمع النتاج الفكري الوطني (كتب ومخطوطات ودوريات ومواد سمعية بصرية ومصغرات فيلمية وبرمجيات حاسوبية وغيرها وتنظيمه والتعريف به والإعلام عنه وجمع الوثائق الموجودة لدى الوزارات والدوائر والمؤسسات الرسمية العامة، والوثائق المتعلقة بالقطر والوثائق الشخصية لدى الأفراد وحفظها وتنظيمها والتعريف بها ونشرها، والقيام بمهام وأعمال الإيداع وفقا لأحكام قانون حماية حق المؤلف ونظام إيداع المصنفات المعمول بها.
وشدد على ضرورة التكيف مع التكنولوجيا الجديدة في عصر الثورة الرقمية للاستفادة لتطوير المكتبة الوطنية، التي ستضم نحو 500.000 من الكتب والمصنفات السمعية البصري، مشيرا إلى أن مبنى المحفوظات، سيتسع بدوره لحوالي 300.000 كرتون، مخصصة للحفاظ على وثائق المحفوظات الوطنية التي هي مرآة لثقافتنا وانعكاس لمستقبلنا.
وأردف يقول: «إن الأرشيف الوطني، يمثل ذاكرة الإدارة العامة والمؤسسات الجمهورية، ويجسد تطور المجتمع الجيبوتي على جميع المستويات. وسيتم جمع المحفوظات التاريخية والثقافية والإدارية وفهرستها في الأرشيف الوطني.
وإننا اخترنا الـ23 من شهر أبريل، الذي يتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للكتاب، من أجل تعزيز القراءة والنشر، وحماية حقوق التأليف والنشر. وهذه فرصة لتسليط الضوء على أهمية الكتب وتشجيع شبابنا على اكتشاف متعة القراءة.
وانتهز وزير الشئون الإسلامية والثقافة والأوقاف هذه السانحة ليثمن عاليا الدعم اللامحدود الذي يقدمه رئيس الجمهورية للباحثين والكتاب الشباب الذين أثروا الأدب التقليدي وثروتنا التي تستند بشكل أساسي على التقليد الشفهي.
وتساءل قائلا: «كم عدد الكتب والمقالات التي رأت النور بفضل الدعم السخي من رئيس الدولة الذي يعمل على توفير الأجواء الملائمة للكتاب الموهوبين من أبناء الوطن الساعين لإنتاج الكتب والقواميس، والروايات الأدبية والشعرية.
وأوضح أن وزارته تخطط في إطار السياسة الوطنية تجاه الكتاب، لإنشاء شبكة تضم مراكز القراءة والنشاط لتتشكل بذلك المكتبات العامة الإضافية، وسيتم أول تلك المراكز في الحي السابع بالعاصمة.
أما السفير الصيني في جيبوتي فقد شدد في مداخلته على أهمية مشروع المكتبة الوطنية والمحفوظات، لافتا إلى أنه يجسد عمق العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، وأعرب في الوقت ذاته عن أمله في أن يسهم في الحفاظ على تاريخ الأمة الجيبوتية وتراثها الشعبي.
المصدر :alqarn