تحت رعاية رئيس الجمهورية السيد / إسماعيل عمر جيله ، نظمت وزارة الشئون الإسلامية والثقافة والأوقاف يوم أمس الأحد الدورة الخامسة لملتقى علماء ومفكري شرق إفريقيا تحت عنوان «تصحيح المفاهيم الدينية والتصورات الثقافية لتغيير الذهنيات والسلوكيات في المجتمع» والذي تستمر فعالياته ثلاثة أيام . وجرت وقائع حفل افتتاح هذا الملتقي بحضور رئيس الوزراء السيد/عبدالقادر كامل محمد وعدد من أعضاء الحكومة من بينهم وزير الشئون الإسلامية والثقافة والأوقاف السيد/ مؤمن حسن بري ، إضافة إلى وزير الإرشاد والأوقاف السوداني عثمان محمد إبراهيم ، ووكيل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية الشيخ عبد الرحمن الغنام ، والأمين التنفيذي لمجلس الأعلى الإسلامي الشيخ عكيه قورح فاتح ، ورئيس رابطة علماء جيبوتي الشيخ عبدالرحمن شمس الدين وعدد كبير من جمهور العلماء وأصحاب الرأي من جيبوتي والمنطقة . وفي كلمته الافتتاحية للملتقى ، رحب رئيس الجمهورية السيد / إسماعيل عمر جيله بضيوف جيبوتي من العلماء الأجلاء ورجال الفكر والدعوة الذين شرفوا بلادنا بحضورهم ومشاركتهم في هذا الملتقى الإقليمي الخامس لعلماء ومثقفي شرق إفريقيا.
وأوضح رئيس الجمهورية السيد / إسماعيل عمر جيله إنَّ اختيارَ مَوضوع « تصحيح المَفاهيمِ الدِّينية والتصَوُرَات الثقافية منْ أجلِ تغييرِ الذهنياتِ و السُّلوكيات في المجتمع» لهذا الملتقى ، يكتسي أهمية بالغة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها الأمة الإسلامية، ويمثل تحديا كبيرا أمام قادة الفكر والرأي من العلماء والمثقفين الذين يقع عليهم واجب توضيح الأفكار وتصحيح المفاهيم ودعم مجتمع المعرفة وإنارة المنهج بالطاقات والمساهمة في عملية البناء والتقدم وتعزيز التماسك الاجتماعي.
وأضاف رئيس الجمهورية قائلا « لقد أصبح من الضروري توحيد الجهود وتفعيل دور المؤسسات الدينية والتربوية والثقافية والعلمية لمواجهة التحولات التي تشهدها مجتمعاتنا المعاصرة والتركيز على توجيه الشباب وتزويدهم بالعلم النافع والفهم الصحيح واستغلال طاقاتهم ومواهبهم لزيادة عطائهم في خدمة المجتمع «.
وأشار إلى أنه ينبغي على المؤسسات الدينية نشر القيم الروحية والأخلاقية التي يدعوا إليها ديننا الحنيف ، وأن تلك هي معاني جميلة تُعلِّمُ الناس التعايش والتسامح والانفتاح واحترام الآخر ومد جسور التعاون والتكامل بين مختلف شرائح المجتمع.
وأردف بالقول « لقد أصبحَ شبابُنا ، بحمدِ الله، يتميزونَ بالذكاء و المَهارَات و الكَفاءات العالية، بِفضْلِ ما وَفرَتهُ الدولة مِنْ مُؤسسات تعليمية و أكاديمية و كُليات جامعية و مَراكزَ بَحْثيَّة و مَجالس عِلمِية، و نحتاجُ إلى جُهود إضَافية لِاستغلالِ هذه الطاقاتِ و توجيهِهَا الوِجْهَةَ الصَّحيحة في مُختلف القطاعات و المجالات، مِمَّا يزيدُ في فَعَالية المُجتمع و عطائه، و يُعززُ أمْنهُ و استقرَارَهُ و يُحققُ اسْتقلالَهُ و رَخاءهُ.
إننا بحاجة إلى بلْورَةِ رُؤيةٍ جديدةٍ للتَّعامُل معَ منظومة الأَفكارِ و المَفاهيم، و لا سِيمَا في عصر تكنولوجيا المعلومات و الاتصال و القنوات المفتوحة و مواقع التفاعل الاجتماعي، التي أصبحت تُؤثرُ على العقول و تُشكِّلُ وَعْيَ الشبابَ بطريقة مُباشرة أو غيرِ مُباشرة. و هذه المُستجداتُ بِحاجةٍ إلى دراسةٍ عميقة لِمعرفةِ آثارِهَا القريبةِ و البعيدة على السُّلُوك وَ القَناعَات. و لا شكَّ أنَّ مَا تُقدمونهُ مِنْ دِراساتٍ و أبَحاثٍ، سوف تُساهمُ فِي خدمةِ حَاضرِ و مستقبلِ الأمةِ و تعزيزِ دورِهَا لتكونَ خيرَ أمَّةٍ أخْرِجتْ للناسِ بِسُلوكها وَ تفَوُّقها فِي مَجالِ الخيرِ و العَطاءِ و الابْتكارِ».
من جانبه ، عبر وزير الشئون الإسلامية والثقافة والأوقاف السيد / مؤمن حسن برى عن خالص الشكر والتقدير لرئيس الجمهورية على تشريفه ورعايته الكريمة لهذا الملتقى مما يعكس اهتمامه بالعلم والعلماء، وحرصه الشديد على خدمة الدين وقيمه السامية التي هي أساس هويتنا وانتمائنا الحضاري، كما عبر الوزير عن الشكر والامتنان للعلماء الأجلاء ضيوف جيبوتي متمنيا لهم طيب الإقامة في بلدهم الثاني . قال «قبل أن استرسل في كلمتي، أود أن أتقدم بواجب الشكر و الامتنان لفخامة رئيس الجمهورية على دعمه اللامحدود او اهتمامه الكبير بكل ما يخص العلم و العلماء و الأئمة و الدعاة. كما أن عهد الرئيس كان خيرًا و بركة على بلادنا، بفضل منهجه الرشيد، وسياسته التنموية الناجحة، التي يحس المواطنون بآثارها.
وقد لمسنا ذلك في موسم الحج و الإقبال الشديد على أداء المناسك، مما يدل على ثمرات الرخاء و الاستقرار الذي يلمسه المواطنون و المواطنات في حياتهم.
نسأل الله تعالى أن يديم هذه النعم و يزيدنا من فضله» .
ومضى قائلا « ينعقد هذا الملتقى تحت عنوان «تصحيح المفاهيم الدينية والتصورات الثقافية من أجل تغيير الذهنيات والسلوكيات في المجتمع»، وتحت شعار: ( تحرير العقول و إطلاق الطاقات للنهوض بالمجتمع وتحقيق النماء
والوئام الاجتماعي ). و قد حرصنا على اختيار موضوع فيه جِدة و تجديد بحيث يشكل منطلقا لدراسة تأثير المفاهيم والتصورات على سلوك الأفراد وعلى شبكة العلاقات الاجتماعية، والتي يمكن من خلالها رصد مدى الفعالية والتفاعل في منظومة القيم و المعايير السائدة في المجتمع.
و نظرًا لأهمية الموضوع، و تشابك فروعه المعرفية و العلمية و البحثية، فقد عملنا على إشراك المثقفين والأكاديميين و أساتذة الجامعات للمساهمة مع العلماء المتخصصين في المجال الديني لإثراء محاور هذا الملتقى.
ونحن على قناعة أن دراسة أي ظاهرة اجتماعية تحتاج إلى عمل جماعي و جهد مشترك بين مختلف التخصصات العلمية التي تجمع بين علوم الشريعة والعلوم الاجتماعية لإعطاء صورة متكاملة، يتضافر فيها العقل و النقل، و تتعاضد فيها النصوص الدينية مع استنتاجات العقل البشري».
وأشار وزير الشئون الإسلامية إلى «الدور الطليعي الذي تضطلع به جمهورية جيبوتي في منظومة دول شرق أفريقيا بفضل السياسة الحكيمة والرؤية السديدة التي رسمها فخامة رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله لتبقى بلادنا منارة للسلام والوئام و مثالا للنهج الإسلامي الوسطي ، وقال في هذا الإطار « نسعى للعمل على تعزيز التقارب بين الشعوب وإنشاء منبر إقليمي لتدارس القضايا المعاصرة، و تبادل الخبرات و التجارب في مواجهة التيارات و الأفكار التي تريد أن تهدم الدول والمجتمعات «.
وأوضح أن تنظيم هذا الملتقي يمثل فرصة سانحة أمام النخب العلمية و الفكرية للاضطلاع بمسؤولياتها في تعميق الوعي بثوابت الأمة وتشكيل إطار جامع لتوحيد الجهود و المبادرات، من أجل تحقيق التقارب و التكامل و التعاون المنشود بين مختلف المؤسسات الرسمية والشعبية على مستوى شرق أفريقيا.
وقال في هذا الصدد « ينبغي العمل على تصحيح الأفكار والتصورات والمفاهيم في المجتمع، و لا سيما لدى شبابنا الذين هم أمل المستقبل و عماد تطوره و تقدمه. و هذا يتطلب إبعادهم عن الاستقطاب الأيديولوجي و الانخراط في التيارات.
والحركات التي تجعلهم هدفا سهلا لتبني مواقف مُتسرعة بعيدة عن الحكمة و بُعد النظر».
وقال وزير الشؤون الإسلامية موجها كلامه الى العلماء و الدعاة المشاركين في الملتقى « يتعين على العلماء والدعاة والمربين أن يقوموا بالتوعية اللازمة للتحذير من التأثير الكبير الذي تتركه مواقع التواصل الاجتماعي على العقول والعواطف.
والميول. وعليهم توجيه الشباب للاستخدام الأمثل لهذه المواقع حتى تكون مشاركاتهم إيجابية و موضوعية و تساهم في نشر فضائل الأخلاق و تنوير المجتمع بالأفكار الإبداعية التي تضيف لرصيد المجتمع و الأمة.
و الأمل يحدونا في أن يساهم هذا الملتقى بدوره في عملية التنوير المطلوبة لاستشراف المستقبل، و إصدار التوصيات اللازمة لتكون ورقة عمل يستهدي بها أصحاب القرار في تعزيز الوئام المجتمعي و نشر الاعتدال والتسامح «.
من جانبه عبر وزير الإرشاد والأوقاف في جمهورية السودان السيد / أبوبكر عثمان عن شكره العميق لجمهورية جيبوتي حكومة وشعبا على تنظيم هذا الملتقى الذي يجسد تفعيل دور المؤسسات الدينية والتربوية والثقافية والعلمية لمواجهة التحديات ومحاربة التطرف والغلو في الدين، مشيرا إلى نشر الوسطية المعتدلة والتسامح والأخوة هي أسمى غايتنا في الشرق الإفريقي، وهذا الملتقى يجسد أرضية لمناقشة تصحيح هذه المفاهيم .
بدوره ،عبر وكيل وزارة الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية عن سروره في المشاركة في هذا الملتقى ، مشيرا إلى ما يمر به العالم الإسلامي والدعوة الإسلامية من تحديات كثيرة داخلية وخارجية ومتغيرات كثيرة في جميع المجالات وعلى كافة الأصعدة والمجالات.
وأكد الشيخ عبد الرحمن الغنام علي أن تلك التحديات الكثيرة تتطلب من جميع المسلمين عامة ومن أهل العلم والفكر منهم خاصة أن يضاعفوا الجهود من أجل مواجهة تلك التحديات بالإيمان واليقين ، وبالعلم والبصيرة والتأصيل الصحيح لحقيقة الدين الإسلامي عقيدة وشريعة وأخلاقا ، والرد على شبهات المبطلين من أعداء الإسلام الذين يريدون تشويه الإسلام ببث الشبهات المبطلة عن العقيدة الإسلامية والفقه الإسلامي وعن مصادر التشريع الإسلامي القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة والإجماع .
تحدث أيضا بهذه المناسبة ، الأمين التنفيذي للمجلس الأعلى الإسلامي الذي أوضح أن الدين الإسلامي الحنيف يؤكد على المحافظة على الأسس العقائدية الفكرية للأمة وبناء المفاهيم الصحيحة والتصورات العامة التي تكون المرجعية في تربية وتخريج الجيل الصالح الذي يساهم في بناء وطنه ويتميز بطاقاته وإمكانياته.
وقال الشيخ عكيه «أن هذا الملتقى يركز على إبراز أهمية العقل ودوره في نجاح الإنسان في الدنيا والآخرة وحماية المجتمع من الانحرافات العقلية والفكرية وإظهار جهود علماء الإسلام في الجمع بين العقل والنقل وتشجيع البحوث والدراسات التي تربط الأمة بماضيها وتصلها بمستقبلها، الحضاري ، إن الشق الثاني الذي يعالجه الملتقى هو أثر شبكات التواصل الاجتماعي على سلوك الأفراد والمجتمعات ، و التي تنتشر في العالم ويتزايد عدد مستخدميها ، من خلال تسهيل الاتصال المباشر بين الأفراد دون وسيط أو رقيب كما كان الحال في الوسائل التقليدية».
وشدد على ضرورة تصدي العلماء والمؤسسات و السلطات لكل الجماعات الإرهابية التي تسعى لاستقطاب الشباب بنشر أفكارها المسمومة في الفضاء الالكتروني، والتي تدعو إلى الفوضى وإشاعة الافتراءات والدعايات المغرضة لزعزعة استقرار البلدان.
المصدر :alqarn