عاد رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله مساء يوم أمس الأربعاء إلى البلاد بعد مشاركته في القمة الأفريقية الاستثنائية العاشرة التي انعقدت أمس الأربعاء في العاصمة الرواندية كيجالي، وكرست لإطلاق منطقة التجارة الحرة الإفريقية القارية التي تعد أحد مشاريع البحث والتطوير المدرجة في أجندة 2063 للاتحاد الأفريقي، وتمثل المنطقة الإطار الإستراتيجي للتحول الاقتصادي والاجتماعي المنتظر للقارة في الخمسين عاما المقبلة، إلى جانب الأطر القانونية الأخرى المتعلقة بها.
وجاءت قمة كيجالي الاستثنائية كأحد مخرجات القمة الأفريقية العادية الأخيرة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أواخر شهر يناير الماضي، والتي أقرت عقد قمة خاصة لإجازة تلك الأطر القانونية.
وتهدف منطقة التجارة الأفريقية لإزالة العوائق التجارية والاقتصادية بين بلدان القارة، حيث ستعتبر أكبر تجمع اقتصادي وتجاري في العالم منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية.
وأكد رئيس الجمهورية في كلمة ألقاها في القمة على أهمية تدشين مشروع منطقة التجارة الحرة الأفريقية لدعم التكامل الاقتصادي في القارة السمراء، مشيرا في ذات الوقت إلى امتلاك أفريقيا كافة المقومات اللازمة للتحول لقطب رئيسي للنمو والتنمية.
وقال في هذا الصدد: « إن أفريقيا تمتلك كل الوسائل الضرورية لتصبح قطبًا رئيسيًا للنمو والتنمية، فهي تمتلك كل الإمكانات التي تحتاج إليها لتكوين قطاع صناعي قادر على تزويد مواطنينا بالأمل والحياة الكريمة التي يطالبون بها، وإن السوق المشتركة التي نأمل في بنائها هي جزء من الاستجابة الأفريقية لمواجهة جميع العقبات أمام تنمية بلداننا».
وأضاف قائلا:»إن إنشاء أكبر منطقة تجارة حرة في العالم تضم 55 دولة وأكثر من مليار وثلاثمائة مليون مستهلك سيكون بمثابة حافز لتحول اقتصادياتنا وسيسمح لنا بتأسيس نسيج صناعي حقيقي يساعد على مواجهة الشركات متعددة الجنسيات. وسيكون ممكنا بروز العلامة التجارية «صنع في أفريقيا»، وذلك من خلال تصنيع السلع الاستهلاكية التي يحتاج إليها الأفارقة في أفريقيا، وتعزيز القيمة الإقليمية وإنشاء مراكز تصنيع عابرة للحدود الوطنية. وإن زيادة التجارة البينية الأفريقية ستحفز بلا شك خلق الثروة والوظائف اللائقة لشعوبنا. وبمجرد إزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية، ستصبح آفاق السوق موسعة أمام شركاتنا التي ستتمكن من البيع دون عوائق في السوق الأفريقية المشتركة، ولن يتحقق وعد السوق الحرة إلا إذا سعينا اليوم إلى إنشاء البنية التحتية للنقل والاتصالات اللازمة لتنمية التجارة».
وفي سياق منطقة التجارة الحرة الأفريقية، أوضح رئيس الجمهورية أنه يجب على كل بلد وكل قطاع أن يجد مكانه في بيئة أكثر تنافسية، وأن التآزر الناجم عن تكامل أسواقنا سيسمح بالارتقاء إلى مستوى أعلى، داعيا في الوقت نفسه إلى النظر بعناية في المخاطر المحتملة حتى لا تكون مبادرة منطقة التجارة الحرة التي نؤيدها اليوم عرضة للإلغاء.
وأردف قائلا: « إن العمل الذي لا يزال يتعين على كل واحد منا القيام به، فيما يتعلق بالتعديلات من أجل مواءمة الأحكام القانونية والتنظيمية، هو مواصلة الإصلاحات لمواجهة هذا التحدي الكبير، لأن من مسؤولية دولنا إزاء الأجيال الحالية والمستقبلية، العمل على إنجاح منطقة التجارة الحرة التي تفيد الجميع. ومن الأهمية بمكان، أن تنفصل قارتنا، أكثر من أي وقت مضى، عن إرث الاستعمار الذي ساهم بشكل كبير في تجزئة شعوبنا وأراضينا، وفي تجزئة سوقنا الداخلية، وبالتالي أدى إلى تهميش اقتصاد قارتنا.
ما نتفق عليه هو بالتأكيد، إفريقيا التي نريدها وهي أفريقيا متحدة ومتضامنة سياسياً ومتشبثة بمُثُل الوحدة الإفريقية التي وضعها الآباء المؤسسون».
هذا وقد أعلن الاتحاد الأفريقي أن 44 دولة وقعت أمس الأربعاء في كيجالي الاتفاق الذي ينص على إنشاء منطقة قارية للتبادل الحر تعتبر أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية في أفريقيا.
وقال رئيس مفوضية الاتحاد موسى فكي محمد في ختام القمة الأفريقية الاستثنائية في العاصمة الرواندية، أن «44 دولة وقعت الاتفاق الذي ينص على إقامة المنطقة القارية للتبادل الحر». ويتعين المصادقة على الاتفاق من قبل برلمانات الدول الموقعة، ولن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد 180 يوماً.
وعلى غرار القادة الآخرين، المشاركين في القمة، قام رئيس الجمهورية بالتوقيع على ثلاثة بروتوكولات مهمة تتعلق بحركة البضائع وتنقل الأشخاص وتيسير الإجراءات الجمركية، بالإضافة إلى إعلان كيجالي.
وتجدر الإشارة إلى أن الوفد الجيبوتي المرافق لرئيس الجمهورية في هذه القمة ضم وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، الناطق الرسمي باسم الحكومة السيد/ محمود علي يوسف، وزير العدل وشؤون السجون، المكلف بحقوق الإنسان السيد/ مؤمن أحمد شيخ، والوزير المنتدب المكلف بالتجارة والشركات الصغيرة والمتوسطة والحرف اليدوية والسياحة السيد/ حسن حمد إبراهيم، ورئيس الغرفة التجارية السيد/ يوسف موسى دواله، ومسؤولين آخرين.
المصدر :alqarn