عاد فخامة رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله مساء يوم أمس الأحد إلى البلاد بعد زيارته الرسمية لفرنسا والتي استغرقت 72 ساعة، وكان في استقباله لدى وصوله الى مطار جيبوتي الدولي معالي رئيس الوزراء السيد/ عبد القادر كامل محمد ، ورئيس الجمعية الوطنية السيد/ محمد علي حمد، وأعضاء الحكومة ومسؤولون عسكريون ومدنيون من كبار رجال الدولة .
هذا وكان رئيس الجمهورية قد إلتقى يوم الجمعة الماضي بنظيره الفرنسي السيد/ إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه ، وتمحورت محادثات الرئيسين خلال هذا اللقاء حول تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون القائم بين جيبوتي وفرنسا في مجالات الإقتصاد والدفاع والإستثمارات الفرنسية في جيبوتي.
وعقب هذا الاجتماع ، وقع رئيس الجمهورية ونظيره الفرنسي إعلان نوايا بشأن إعادة التفاوض حول معاهدة التعاون الدفاعي بين البلدين.
وقد حضر المقابلة معالي وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ، الناطق الرسمي باسم الحكومة السيد/ محمود علي يوسف ، وسفير جيبوتي لدى فرنسا السيد/ عايد مسعد يحيى ، وكذلك سفير فرنسا المعتمد لدى بلادنا السيد/ أرنو جويلو.
وضمن أبرز محطات هذه الزيارة ، عقد رئيس الجمهورية والوفد المرافق له يوم الخميس المنصرم اجتماع عمل موسع مع وفد من جمعية أرباب العمل الفرنسية (MEDEF) التي تمثل الشركات الفرنسية.
وفي كلمة له في هذا اللقاء الذي ضم ممثلي العديد من كبريات الشركات الفرنسية ، قال رئيس الجمهورية: «إن جيبوتي هي أرض المستقبل والفرص. ونريد أن تشارك فرنسا والشركات الفرنسية بفعالية إلى جانبنا في تطوير هذه الفرص. واليوم أود أن أقدم لكم المنصة الاستثنائية التي أنشأناها لتطوير تبادلاتنا ، والأكثر من ذلك، أنها تظل المنصة الوحيدة الناطقة بالفرنسية في منطقة مساحتها آلاف الكيلومترات». وأشار إلى أنه باستثناء عدد قليل من الشركات وقلة من الأصدقاء العظماء الذين يعرفون بلدنا جيدًا، لم يكن لفرنسا حتى وقت قريب مكانة كبيرة في شرق إفريقيا رغم توسعها الدولي في العديد من المجالات.
وأضاف رئيس الجمهورية « أعتقد، أنه بإرادة الرئيس ماكرون والعديد من الشركات، فإن تلك الأوقات قد ولت. ولهذا أود اليوم أن أشارككم في حوار صريح وغير مقيّد سيمكننا جميعًا من المضي قدمًا وإرساء شراكة تقوم على القيم المشتركة بيننا، وعلى المنافع المتبادلة وعلى توازن مصالحنا. كما تعلمون، فإن اجتماعنا هذا الصباح ليس الأول من نوعه، والبعض منكم يعرف جيبوتي بالفعل. ما قد لا تعرفونه هو أن ميناءنا أصبح أحد أهم ثلاثة موانئ في إفريقيا على الطرق الرئيسية في العالم، إلى جانب مينائي ديربان وطنجة، وما قد لا تعرفونه أيضا هو أن 8 كابلات بحرية للاتصالات تمر بجيبوتي، وأن نظامنا المالي هو الأكثر استقرارًا في المنطقة».
وأوضح أن عملة جيبوتي ثابتة ومرتبطة بالدولار، وأنها قابلة للتحويل بدون قيود، حيث لا توجد رقابة على الصرف، مضيفا بالقول « وفي منطقة تعتبر فيها المدفوعات الخارجية مسألة مثيرة للقلق، فإن المعروض النقدي في جيبوتي يغطي 110٪ من العملات الصعبة ويحتفظ نظامنا المصرفي التجاري بما يعادل 50٪ من الناتج المحلي الإجمالي في الأصول الخارجية».
ولفت رئيس الجمهورية إلى أن السيولة الزائدة لدى البنوك المحلية تعكس أن بلادنا ليست مجرد مركز لوجستي، ولكنها أصحبت أيضا مركزًا ماليًا، وأن مشاريعها الاستثمارية الحالية في شبكات الألياف الضوئية ومراكز البيانات ستعطيها دورًا أساسيًا كمحور رقمي.
وذكر في هذا الصدد، أن بلادنا احتلت المرتبة الـ55 في 2018 في تصنيف ممارسة أنشطة الأعمال للبنك الدولي. وأن صندوق النقد الدولي هو يعيد تقييم الناتج المحلي الإجمالي البالغ 38٪ ، وذلك أنه لم يسجل تطور الصناعات ولا القياس الدقيق لديناميكيات الاتصالات.
وأشار إلى هذا التطور بجيبوتي ، الذي تحقق بسواعد أبنائها قيادة وشعبا هو ما قاد إلى تبني رؤية جيبوتي 2035 التي تعتبر رؤية اقتصادية تقوم على التنوع بدلا من تخصص أحادي لوجستي.
وذكر رئيس الجمهورية أن مستقبل جيبوتي والقارة بأكملها، يكمن في التصنيع، وقال « تمثل مناطقنا الصناعية الحرة اليوم 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وإنها تخلق قيمة مضافة لكل من البضائع العابرة عبر موانئنا، وللمواد الأولية يتم تحويلها وتغليفها لإعادة تصديرها.
ورحب بالشركات الأفريقية والآسيوية المنخرطة في العمل بهذه المناطق، مؤكدا في ذات الوقت على الحاجة الى الشركات الأوروبية في تلك المناطق الحرة. وتوقف رئيس الجمهورية في ختام كلمته عند نقطتين تتمثل إحداهما في المديونية العامة الخارجية. قائلا «إن هذا الدين لا يخلق مخاطر على الاقتصاد الكلي بالنسبة لنا».
وأوضح أن النقطة الأخرى تتمثل في ذهاب البعض إلى أن جيبوتي تفضل بعض الأطراف في علاقاتها الدولية دون غيرها، كالصين على سبيل المثال، قائلا في هذا السياق: «في سعيها لتحقيق التقدم، تريد جيبوتي تفضيل أطر التبادل والحوار مع جميع شركائها وتطالب بعلاقات شراكة أكثر جودة وعدلاً وإنصافًا. إن إدراكنا للحاجة الملحة للتنمية ، يدفعنا إلى توسيع دائرة شراكتنا حتى لا يكون هناك استبعاد ولا حصرية في جيبوتي ، وإن رسالتي اليوم هي أن فرنسا التي كانت وستظل حليفًا مميزًا، لها مكانتها في تنمية جيبوتي».
وعقب لقائه بمجتمع الأعمال الفرنسي ، توجه رئيس الجمهورية إلى مجلس الشيوخ الفرنسي، حيث استقبله هناك النائب الأول لرئيس المجلس السيد/ روجيه كاروتشي. وأجرى معه محادثات قصيرة تطرقت للقضايا ذات الاهتمام المشترك، ووقع الرئيس بعدها على سجل الزوار لمجلس الشيوخ الفرنسي.
وعقب ذلك، تمت دعوة رئيس الجمهورية إلى مأدبة غداء أقيمت على شرفه نيابة عن رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرارد لاريش، وذلك بحضور رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس كريستيان كامبو ، ورئيس مجموعة الصداقة بين فرنسا والقرن الأفريقي سيدريك بيرين وأعضاء آخرين من المجلس.
كما قام رئيس الجمهورية بزيارة إلى مقر المنظمة الدولية للفرنكوفونية ، وحظي بحفاوة بالغة من قبل الأمينة العامة للمنظمة السيدة/ لويز موشيكيوابو، ووقع في ختام هذه المقابلة على سجل زوار المنظمة.
وفي إطار هذه الزيارة أيضا ، إلتقى رئيس الجمهورية يوم الجمعة الماضي بوزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي، وبوزير أوروبا والشؤون الخارجية السيد/ جان إيف لودريان.
من جانبه، قام وزير الخارجية والتعاون الدولي الجيبوتي السيد / محمود علي يوسف , بزيارة إلى مقر وزارة الخارجية الفرنسية حيث وقع الجانبان 7 اتفاقيات، تتمثل في إعلان نوايا بشأن التعاون الإنمائي في جمهورية جيبوتي ، وإعلان نوايا بشأن إعادة التفاوض في معاهدة التعاون الدفاعي بين البلدين، وإعلان نوايا بشأن تنمية الاستثمارات، وإعلان نوايا للتعاون بين منطقة بروفانس ألب كوت دازور وجمهورية جيبوتي، واتفاقية إطارية للتعاون العلمي والتقني بين وزارة التعليم العالي الجيبوتية ومعهد البحوث للتنمية (IRD) ، وعقد شراكة بين مجموعة كماش الفندقية الجيبوتية ومجموعة «أكور» الفرنسيّة، وبين مؤسسة كهرباء جيبوتي ومجموعة إنجي الفرنسية ، وعقد تطوير يتعلق بمشروع محطة الطاقة الشمسية الهجينة في إقليمي أبخ وتجوره بين مؤسسة كهرباء جيبوتي وشركة Ausar Energy الفرنسية للطاقة .
المصدر / جريدة القرن .