شارك فخامة رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله، بعد ظهر يوم أمس الثلاثاء في قمة افتراضية لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، تركزت أشغالها على وجه الخصوص حول التحديات الجديدة المرتبطة بالأمن والسلام في القارة السمراء، بالإضافة إلى الوصول لموقف مشترك ورسمي للقارة بشأن مسألة الصحراء الغربية.
وفي هذا الصدد، سلطت مناقشات القادة الأفارقة الضوء بشكل رئيسي على الصعوبات التي تمت مواجهتها بغية تحقيق الهدف الذي حددته المنظمة الإفريقية والمتعلق ببرنامج «إسكات البنادق» لتخليص إفريقيا من النزاعات التي تشكِّل عقبة أمام التقدم المنشود.
وتلاقت الآراء- في غضون هذه القمة – حول القدرة الفعالة التي تمتلكها أفريقيا لمنع نشوء النزاعات التقليدية بين الدول، والتحرك بسرعة بشأنها، كما تم التأكيد بشكل خاص على أن التوترات باتت تنشأ في الوقت الحاضر أكثر من مصادر المشاكل الجديدة.
وشددت القمة الافتراضية لمجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي كذلك، على أن ظاهرة التغير المناخي تعد واحدة من العوامل البارزة ذات العواقب السلبية على السلام والاستقرار في المجتمعات الإفريقية، حيث تنشأ التوترات والصراعات على حدود البلدان الأفريقية جراء الجفاف والتصحر .
وإلى جانب ذلك تم تحديد الإرهاب والاتجار بالمهاجرين والاتجار بالأسلحة، إضافة إلى الجريمة المنظمة العابرة للحدود، على أنها عوامل تؤدي إلى نتائج عكسية تحول بين ترسيخ دعائم السلام والاستقرار في القارة.
وفي خطاب ألقاه في الجلسة الافتتاحية للقمة، أشار رئيس الجمهورية إلى أن التحديات التي تواجه القارة لا تزال كبيرة، وذلك على الرغم من التقدم المحرز في عمليات التهدئة وتحقيق الاستقرار، مضيفا «ومن هذا المنطلق، شرع مجلسنا في تبني ” مبادرة إسكات البنادق”.
وأضاف قائلا: «في الواقع هناك العديد من التهديدات، جديدة أو تقليدية، وسواء أكانت الإرهاب أو غيره من أشكال الجريمة العابرة للحدود، ولاسيما تهريب الأسلحة والبشر، وهي بالفعل تتجاوز حدودنا وتقضي على تقدمنا».
وفي معرض حديثه عن التداعيات السلبية لجائحة فيروس كورونا المستجد، قال الرئيس إسماعيل عمر جيله: «إن هذا العدو غير المرئي، وباء كوفيد -19، الذي أثر على العالم بأسره، قد أبطأ -بلا شك- عملنا الهادف إلى إسكات البنادق بشكل دائم.
وبالنظر إلى إلحاح هذه الأزمة وحجمها، فقد اضطر اتحادنا في الواقع إلى إعادة تخصيص الموارد التي سبق حشدها لإفريقيا خالية من الصراعات، من أجل مكافحة الجائحة، كذلك كان لا بد من تأجيل عدد من الأنشطة المخطط لها أو إلغاؤها».
وشدد رئيس الجمهورية من جهة أخرى على العواقب الوخيمة لظاهرة تغير المناخ، ولفت إلى أنها تهدد الأمن الغذائي للسكان، وتزيد من حدة الفقر كما تؤدي إلى تشريد السكان، الأمر الذي تنجم عنه النزاعات بين المجتمعات المحلية على الحدود، داعيا في ذات الوقت إلى تعزيز التعاون والتضامن والصمود والتشاور والوقاية من أجل قارة مزدهرة خالية من ويلات الحرب والفقر.
وأردف قائلا: «في مواجهة هذه التحديات التي من شأنها إضعاف استراتيجيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وضع اتحادنا بالفعل آلية مناسبة، حيث أنشأنا منذ بدايات منظمتنا مركزًا لإدارة الصراعات تم إصلاحه باستمرار من أجل تلبية احتياجات قارتنا حتى أخذ شكله الحالي (العمارة الأفريقية للسلام والأمن).
في حقبة التسعينيات على سبيل المثال كانت منطقة «الإيجاد» تشهد حوالي ثلاثين صراعاً بين المجتمعات المحلية، وانتشارا للأسلحة الصغيرة، إلى جانب العديد من النزاعات الرعوية عبر الحدود، لهذا قمنا في العام 2002 بتأسيس آلية الإنذار المبكر ﻟﺪرء النزاعات والاستجابة لها (CEWARN) التي جمعت بلدان المنطقة، وكانت مهمتها الرئيسية تقييم المواقف التي يمكن أن تؤدي إلى صراعات وبالتالي منع التصعيد، فهذه الخلافات يتم التعبير عنها الآن بأسلحة آلية».
وتعليقا على تطورات الأوضاع في منطقة الساحل والصحراء، عبر رئيس الجمهورية عن القلق الكبير إزاء تلك التطورات، داعيا إلى اقتراح خارطة طريق واضحة وعالمية من أجل الاستجابة لتحدي عدم الاستقرار متعدد الأبعاد من خلال استراتيجية عالمية لقارتنا وتعديل وتفعيل القوة الأفريقية الجاهزة لمواجهة التحديات، والأمن عبر الإقليمي.
من جهة أخرى أكد رئيس الجمهورية على أن الصحراء الغربية لا تزال تعاني من توترات شديدة، واصفا كسر وقف إطلاق النار بعد عقدين بأنه أمر مؤسف في منطقة غير مستقرة بالفعل.
وأوضح أن جمهورية جيبوتي، وفية لسياستها التقليدية، وهي تدعو الجهات الفاعلة المعنية إلى تفضيل الحوار فيما يتعلق بالقانون الدولي، ولاسيما قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة.
وأردف قائلا: «إنه من الضروري أن نظل متماشين مع القرار 693 الصادر عن مؤتمرنا، والمعتمد في نواكشوط في عام 2018، والذي وضع الأسس لتوافق بنّاء داخل منظمتنا، ولاسيما دعم جهود الأمم المتحدة، وإنشاء ترويكا الاتحاد الأفريقي.
كذلك من الضروري أن نعطي الأولوية للإجماع داخل منظمتنا، وأن نتجنب الانقسامات التي شهدتها الفترة الماضية، إذا ما أردنا أن يكون لصوت إفريقيا دور مهم في حل هذه المشكلة
وأخيرا، فإن جمهورية جيبوتي تضيف صوتها إلى النداءات الداعية إلى تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة بشأن هذه القضية».
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية شارك في أشغال هذه القمة الافتراضية إلى جانب، مجمل رؤساء دول وحكومات البلدان الـ15 الأعضاء في مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي.
كما شارك فيها أيضا معالي وزير الخارجية والتعاون الدولي، الناطق الرسمي باسم الحكومة السيد/ محمود علي يوسف، والمستشارة الدبلوماسية لرئيس الجمهورية السيدة/ فتحية جامع عُدن.