شارك رئيس الجمهورية السيد إسماعيل عمر جيله يوم الأربعاء الماضي في منتجع البحر الميت بالمملكة الأردنية الهاشمية في أعمال القمة العربية الثامنة والعشرين التي حظيت باهتمام عربي ودولي كبير. وترأس الحفل الختامي للقمة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، بحضور عدد كبير من الملوك والرؤساء والأمراء العرب إلى جانب الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط وأمين عام منظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إضافة إلى ممثلين لمنظمة التعاون الإسلامي ومفوضية الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي وممثلين لكل من الولايات المتحدة وفرنسا. وبحث القادة العرب خلال هذه القمة التي شكلت منطلقا لعمل عربي جامع وشامل جملة من الملفات والقضايا الشائكة في مقدمتها القضية الفلسطينية والالتزام بالمبادرة العربية حيالها ، وتطورات الأوضاع في كل من سوريا واليمن وليبيا إضافة إلى تفعيل آليات التعاون العربي في مكافحة ظاهرة الإرهاب والتطرف ن وتعزيز العمل العربي المشترك.
هذا وألقى رئيس الجمهورية خطابا في القمة دعا فيه إلى تكاتف الجميع والعمل على إيجاد الحلول المناسبة للتحديات الناتجة عن الأوضاع المضطربة في المنطقة العربية .
وفيما يلي نورد نص كلمة رئيس الجمهورية كاملا:-
يَسُرُّنِي أَنْ أَتَوَجَّهَ بِعَمِيْقِ الشُّكْرِ وَالتَّقْدِيْرِ لِأَخِيْ جَلَالَة الملك عبد الله الثاني، وَلِشَعْبِهِ الشقيق على اِسْتِضَافَةِ قِمَّتِنَا هَذِهِ، وعلى حَفَاوَةِ الاِسْتِقْبَالِ وَكَرَمِ الضِّيَافَة، كما أَتَوَجَّهُ بِجَزِيْلِ الشُّكْرِ إلى أخي فَخَامَة الرئيس محمد وِلْدِ عبد العزيز وإلى الجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة، على اِسْتِضَافَةِ الْقِمَّةِ العربية السابقة، وإلى الجامعة العربية وأمينها العام، مَعَالِي الأخ/ أحمد أَبُو الْغَيْط، وَكَوَادِرِهَا على ما بَذَلُوْهُ من جُهُوْدٍ مِنْ أَجْلِ اِنْعِقَادِ هذه الْقِمَّةِ وَتَوْفِيْرِ أَسْبَابِ النَّجَاحِ لَهَا.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،،
تَنْعَقِدُ قِمَّتُنَا في ظِلِّ أَوْضَاعٍ عَرَبِيَّةٍ مُضْطَرِبَةٍ وَتَطَوُّرَاتٍ مُتَسَارِعَةٍ تَتَطَلَّبُ تَكَاتُفَ الْجَمِيْعِ، وَتَسْتَوْجِبُ الْعَمَلَ عَلَى إِيْجَادِ الْحُلُوْلِ لِّلتَّحَدِّيَاتِ الْجَسِيْمَةِ الَّتَيْ تُفْرِزُهَا هَذِهِ الأَوْضَاع، وَعَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَبَنِّيْ أَنْجَعِ السُّبُلِ الْعَمَلِيَّةِ مِنْ أَجْلِ التَّصَدِّيْ لِكُلِّ التَّهْدِيْدَاتِ وَالْمَخَاطِرِ الَّتِيْ تُوَاجِهُ الْأَمْنَ الْقَوْمِي الْعَرَبِيْ، وَذَلِك مِنْ خِلَالِ تَطْوِيْرِ آلِيَاتِ مُكَافَحَةِ الْإِرْهَابِ وَتَجْفِيْفَ مَنَابِعِهِ، وَتَعْزِيْزِ الْأَمْنِ وَالسِّلٍمِ الْعَرَبِيَّيْنِ بِنَشْرِ قِيَمِ السَّلَامِ وَالْوَسَطِيَّةِ وَتَرْسِيْخِ ثَقَافَةِ الْحِوَارِ وَالتَّسَامُحِ، وَدَرْءِ التَّطَرُّفِ وَالْغُلُوِّ وَبَثِّ الْكَرَاهيَةِ وَإِثَارَةِ الْفِتْنَةِ لِلْحِفَاظِ عَلَى تَمَاسُكِ مُجْتَمَعَاتِنَا وَضَمَانِ مُسْتَقْبَلٍ آمِنٍ زَاهِرٍ لَهَا.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،،
السيدات والسادة
على الرَّغْمِ مِنْ تَشَابُـكِ القَضَايَـا الَّتِيْ تَعْصِفُ بِالمَنْطَقَةِ الْعَرَبِيَّة، إِلَّا أَنَّ الْقَضِيَّةَ الفلسطينية تَظَلُّ الْقَضِيَّةَ الْمَرْكَزِيَّة فِيْ عَمَلِنَا العَرَبِي المُشْتَرَك.
وفي هَذَا السَّيِاق، فَإِنَّنَا نُجَدِّدُ التَّأْكِيْدَ عَلَى المُضِيِّ قُدُمًا في دَعْمِ صُمُوْدِ الشَّعْبِ الْفَلَسْطِيْنِي الشَّقِيْق في وَجْهِ الْعُدْوَانِ الإسرائيلي، وَنَدْعُو المُجْتَمَعَ الدَّوْلِي إِلَى تَحَمُّلِ مَسْؤُوْلِيَّاتِه القَانُوْنِيَّةِ وَالْأَخْلَاقِيَّة، وَالْعَمَلِ على إِلزَامِ الكِيَان الصَّهْيُوْنِي بِوَقْفِ سِيَاسَاتِهِ الْعُنْصُرِيَّةِ وَمُمَارَسَاتِهِ الْهَمَجِيَّةِ، وَالْعَوْدَةِ لِاسْتِئْنَافِ الْمُفَاوَضَات وُصُوْلًا إِلَى الْحَلِّ الْعَادِلِ وَالشَّامِلِ وَالدَّائِمِ للقضية الفلسطينية، اِسْتِنَادًا إلى مُبَادَرَةِ السَّلاَم العربية وَقَوَاعِدِ القَانُوْن الدَّوْلِي وَالْقَرَارَاتِ الْأُمَمَيَّةِ ذَاتِ الصِّلَة..
وَبِشَأْنِ الْأَوْضَاعِ في سُوْرِيَا، فَإِنَّنَا نُؤْمِنُ بِأَنَّ الْحَلَّ الْوَحِيْدَ لِلْمَأْسَاةِ فِيْهَا، هُوَ الْحَلُّ السِّيَاسِي الَّذِيْ يُحَقَّقُ تَطَلُّعَاتِ الشَّعْبِ السُّوْرِي الشَّقِيْق، وَيَعْتَمِدُ مُقَوِّمَاتِ الْحِفَاظِ عَلَى وَحْدَةِ الْبِلَادِ، وَيَصُوْنُ اِسْتِقْلَالَهَا، وَيُعِيْدُ لَهَا الْأَمْنَ وَالَاِسْتِقَرَار.
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَشْهَدُهُ ليبيا الشقيقة، فَإِنَّنَا نُؤَكِّدُ مُجَدَّدًا على دَعْمِ حُكُوْمَةِ الْوِفَاقِ الْوَطَنَيْ، وَنَدُعُو الأَطْرَافَ الَّليْبِيَّةِ إلى السَّعْيِ الْحَثِيْثِ لِاسْتِكْمَالِ بِنَاءِ الدَّوْلَةِ، وَالْوُصُوْلِ إلى حَلٍّ سِّيَاسِي يُحَقَّقُ تَطَلُّعَات وَآمَالِ الشعب الِّليْبِي الشَّقِيْق.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،،
من مُنْطَلَقِ مُسَانَدَتِنَا الْمُطْلَقَةِ لِّلشَّرْعِيَّةِ الدُّسْتُوْرِيَّةِ في الجمهورية اليَمَنِيَّة، مُمَثَّلَةً بِفَخَامَةِ الرئيس عبد رَبَّه مَنْصُوْر هَادِي، فَإِنَّنَا نُعِيْدُ التَّأكِيْدَ على اِلْتِزَامِنَا بِمُوَاصَلَةِ الْوُقُوْفِ إِلَى جَانِبِ هَذَا الْبَلَد الشَّقِيْق وَقِيَادَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ، وَتَقْدِيْمِ كُلِّ الدَّعْمِ لَهُ.
وَنَدْعُو إِلَى اِسْتِكْمَالِ مَسِيْرَةِ الْحِوَارِ في إِطَارِ الْمُبَادَرَةِ الْخَلِيْجِيَّةِ وَآلِيَّتِهَا التنفيذيّة، وَمُخْرَجَاتِ مُؤْتَمَرِ الْحِوَارِ الْوَطَنِيِ، وَقَرَارَاتِ مَجْلِسِ الْأَمْنِ ذَاتِ الصِّلَة، بِمَا يَحْفَظُ وَحْدَةَ مُؤَسَّسَاتِ الدَّوْلَةِ اليمنية وَسَلَامَةِ أَرَاضِيْهَا.
وَفِيْمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَجِدَّاتِ فَي الصُّومَال، فَإِنَّنَا نُرَحِّبُ بِالتَّقّدُّمِ الْحَاصِلِ عَلَى صَعِيْدِ الْمُصَالَحَةِ الْوَطَنِيَّةِ الصومالية، وَإِعَادَةِ بِنَاءِ مُؤَسَّسَاتِ الدَّوْلَة، كَمَا نُعَبِّرُ عن خَالِصِ التَّهْنِئَةِ للرئيس محمد عبد الله فرماجو الَّذِيْ شَكّلَ اِنْتِخَابُهُ تَجْسِيْدًا لِتَجْرِبَةٍ دِيْمُقْرَاطِيَّةٍ نَاجِحَةٍ تَعْكِسُ التَّطَوُرَاتِ الْإِيْجَابِيَّةّ الَّتِيْ شَهِدَها الصُّومَال الشقيق خِلَالَ الْفَتْرَةِ الْمَاضِيَة.
وَبِالرَّغْمِ مِمَّا تَحَقَّقّ، فَإِنَّ الصومال لَا يَزَالُ بِحَاجَةٍ إِلَى مُسَانَدَةِ أَشِقَّائِهِ وَأَصْدِقَائِه لِتَحْقِيْقِ سَلَامٍ شَاِمٍل وَدَائِم، كَمَا يَحْتَاجُ إِلَى تَحَرُّكٍ عَاجِلٍ وَدَعْمٍ فَوْرِيٍّ لِتَمْكِيْنِهِ مِنْ مُوَاجَهَةِ تَدَاعِيَاتِ مَوْجَةِ الْجَفَافِ الْحَادَّةِ الَّتِيْ ضَرَبَتْ مَنْطَقَةَ الْقَرْنِ الْأَفْرِيْقِي.
وَفَي الإِطَارِ ذَاتِهِ، نُجَدِّدُ تَضَامُنَنَا مع جُمْهُوْرِيَّةِ السودان الشقيقة وَدَعْمَنَا لِجُهُوْدِهَا الْهَادِفِةِ إِلَى تَعْزِيْزِ التَّنْمِيَةِ وَتَرْسِيْخِ الْأَمْنِ وَالْهُدُوْءِ وَالْاِسْتِقْرَارِ فِيْ رُبُوْعِ الْبَلَدِ وَصَوْنِ سِيَادَتِهِ الْوَطَنِيَّة.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،،
السيدات والسادة
إِنَّ الْمُوَاجَهَةَ النَّاجِعَةِ لِّلتَّحّدِّيَاتِ الْمَاثِلَةِ أَمَامَنَا، تَتَطَلَّبُ تَطْوِيْرَ مَنْظُوْمَةِ الْعَمَلِ الْعَرَبِي الْمُشْتَرَك وَتَوْسِيْعَ مَضَامِيْنِهِ، وَالْإِسْرَاعَ فِيْ تَنْفِيْذِ مَشْرُوْعَاتِ التَّكَامُلِ الْعَرَبِي، وَتَوْسِيْعَ فُرَصِ الْاِسْتِثْمَارَاتِ بَيْنَ الدُّوَلِ العربية، وَإِيْجَادَ آلِيَاتٍ لِمُسَاعَدَةِ الدُّوَلِ العربية اَلْأَقَلِّ نُمُوًّا وَتَأْهِيْلِ اِقْتِصَادِيَّاتِهَا.
وَإِذَا كَانَتٍ قِمَّتُنَا تَلْتَئِمُ فِيْ ظَرْفٍ دَقِيْقٍ يَمُرُّ بِهِ عَالَمُنَا الْعَرَبِي، فَإِنَّنَا نَسْتَبْشِرُ خَيْرٍا بِانْعِقَادِهَا فِي الْأُرْدُن الشقيق، بَلَدِ الرِّبَاطِ وَالصُّمُوْدِ وَالْعِزَّةِ وَالْكَرَامَةِ. وَنَتَطَلَّعُ إِلَى أَنْ تُشَكِّلَ هَذِهِ الْقِمَّةُ مَحَطَّةً فَارِقَةً فِيْ مَسِيْرَةِ الْعَمَلِ الْعَرَبِي الْمُشْتَرَك، بِالنَّظَرِ إِلَى مَا يَتَمَتَّعُ بِهِ الْأَشِقَّاءُ فِي الْأُرْدن مِنْ حِكْمَةٍ وَحِنْكَةٍ، تُمَكِّنُهُمْ مِنْ تَحْقِيْقِ النَّتَائِجِ الْمَنْشُوْدَة، وَقِيَادَةِ دَفَّةِ الْعَمَلِ الْعَرَبِي الْجَمَاعِي.
وَفِي الْخِتَام، أُجَدِّدُ الشُّكْرَ لصاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني، وللأُرْدُن الْعَزِيْز، حُكُوْمَةً وَشَعْبًا، على استضافة هَذِهِ الْقِمَّـةِ وَالْإِعْـَدَادِ الْجَيِّدِ لِإِنْجَاحِهَا.
وَنَسْأَلُ الْمَوْلَى عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُوِّفَقَنَا جَمِيْعٍاً لِمَا فِيْهِ خَيْرُ أُمَّتِنَا وَشُعُوْبِنَـا.
المصدر :alqarn